التغيرات الغير مرئية و تأثيرها على المستخدم 

عبدالرحمن محمد
٢٢ يناير ٥٢٠٢
author


هل رأيت يومًا ساحرًا يجعل شيئًا يظهر من العدم وتساءلت كيف كان ذلك ممكنًا؟ أو شعرت أن سيارة "ظهرت فجأة" أثناء القيادة؟ نحن نعتقد أننا عندما ننظر إلى شيء ما، فإننا "نرى" كل ما يحدث أمامنا، كما لو كنا نستخدم كاميرا. لكن هذا ليس صحيحًا. في الواقع، عندما نحاول استيعاب كل شيء دفعة واحدة، يتم إغراق حواسنا بموجات مستمرة من المحفزات، مما يؤدي إلى زيادة هائلة في الأحاسيس التي تكون أكثر مما يمكن للدماغ معالجته. هذا بسبب ظاهرة تُعرف بـ"عمى التغيير" (Change Blindness).

 نحاول كمصممي تجربة مستخدم أو منتجات رقمية أن نجعل استخدام تصميماتنا سهلًا لدى مستخدمينا، لكن العقل البشري أحيانًا له آراء أخرى.

 تتأثر تجربة المستخدم ببعض الظواهر التي تحدث للإنسان أثناء تعامله مع التطبيقات أو المواقع، والتي أحيانًا قد تؤدي إلى فشل التجربة.

 على سبيل المثال: لقد قمت بعمل تعديل في تطبيقك لإضافة أيقونة البحث مثل تطبيق Aldiko حيث تظهر الأيقونة عند فتح الأيقونة الجانبية. في هذه الحالة، فشل هذا التعديل بسبب أن المستخدم لم يلاحظ التغيير الذي حدث عند فتح القائمة الجانبية، حيث تم استبدال زر "Get a Book" بأيقونة المكبر الخاصة بالبحث، وهنا نصطدم بظاهرة نفسية تسمى "عمى التغيير".

Pyramid of Trust


عمى التغيير (Change Blindness): 

هو ظاهرة إدراكية تشير إلى فشل الأفراد في ملاحظة التغيرات التي تحدث في بيئتهم البصرية، خاصة عندما تحدث التغيرات بشكل تدريجي أو عندما يكون هناك تداخل أو انقطاع في الانتباه. هذه الظاهرة تكشف كيف يمكن للإدراك البصري أن يكون محدودًا أو مضللًا في بعض الحالات.

ظهرت فكرة عمى التغيير لأول مرة في التسعينات من القرن الماضي. أحد التجارب الشهيرة التي أظهرت هذه الظاهرة كانت من قبل جوناتان ر. س. وولف وزملائه في عام٢٩٩١في هذه التجربة، أظهروا للمشاركين مقاطع فيديو تحتوي على تغييرات بسيطة وغير ملحوظة في مشاهد مألوفة، مثل تغيير لون الملابس أو وضع الأشياء. المفاجأة كانت أن المشاركين لم يلاحظوا هذه التغييرات رغم أنها كانت واضح فىة في الصورة.

عمى التغيير يحدث بسبب عدة عوامل مرتبطة بكيفية معالجة الدماغ للمعلومات البصرية: 

  ١.الانتباه المحدود: 

المخ لا يستطيع التركيز على كل التفاصيل في وقت واحد. عندما يتم تحفيز الحواس بشكل مستمر، يتوجه الانتباه إلى بعض الأشياء على حساب أشياء أخرى.

 ٢.التركيز على الأشياء المهمة: 

العقل يركز عادة على المعلومات الأكثر أهمية أو التي تلفت الانتباه، بينما يتم تجاهل التفاصيل الأخرى.

 ٣.القصور في معالجة المعلومات: 

حتى في حالة وجود التغيير، قد يكون الدماغ غير قادر على معالجة المعلومات الجديدة بشكل كافٍ بسبب سرعة حدوث التغيير أو لأنه يعتقد أن المشهد لم يتغير.


لماذا يحدث عمى التغيير؟ 

يحدث عمى التغيير بسبب محدودية انتباهنا وقدرتنا على ملاحظة جميع التفاصيل في المشاهد المعقدة. التغييرات التي تحدث دون حركة أو لا تثير انتباهنا بسهولة تصبح صعبة الاكتشاف. عندما تومض الشاشة أو تتحرك العين، يصعب ملاحظة التغييرات المتزامنة، مما يجعل فحص التفاصيل والتذكر أمرًا مرهقًا. في تصميم الواجهات، يحدث عمى التغيير عندما تتداخل التغييرات في لحظات الحركة، مما يجعل المستخدم يركز على تغيير واحد ويتجاهل الآخر.

 عقولنا سريعة ودقيقة في بعض المهام، لكنها تفشل باستمرار في مهام أخرى. فهم ما الذي يحفز النجاح والفشل هو المفتاح لإنشاء واجهات فعالة. على سبيل المثال، أظهرت الدراسات أن الأشخاص يفشلون في ملاحظة أن تفاصيل الصورة قد تغيرت.

عمى التغيير هو ميل الأشخاص لتجاهل التغيرات في الصور، خاصة عندما تحدث هذه التغيرات بعد انقطاع بصري مثل شاشة تومض. هناك عاملان كبيران يلعبان دورًا في احتمال حدوث عمى التغيير:

 ١.الانقطاع في الإدراك البصري 

الذي يمكن أن يحدث عندما يتم إعادة تحميل الصفحة، أو عندما نغمض أعيننا، أو عندما تقفز أعيننا بسرعة من نقطة تركيز إلى أخرى، أو عندما يتغير عرض الشاشة نتيجة لتبديل الجهاز من الوضع الرأسي إلى الأفقي.

 ٢.السرعة 

التغيرات الفورية في التفاصيل البصرية أكثر عرضة لأن يتم إخفاؤها بسبب الانقطاعات القصيرة. وغالبًا ما يكون طرفة العين حوالي 300-400 ميلي ثانية؛ وتم ملاحظة عمى التغيير عندما يتم انقطاع الصورة لمدة 67 ميلي ثانية فقط.


كيفية التغلب على عمى التغيير في التصميم 

 لتجنب عمى التغيير، قم بتحليل تصميمك لاكتشاف أي تغييرات قد تحدث في نفس الوقت وقد تؤدي إلى تشتيت الانتباه عن بعضها البعض :

١. اجعل التغيير في نطاق واحد داخل دائرة اهتمام المستخدم

Pyramid of Trust

رسالة نفذت الكمية في موقع Vans.com كانت غير واضحة لأنها كانت تشبه كثيرًا زر "إضافة إلى السلة" من حيث الشكل، وكانت بعيدة عن المكان الذي كان يركز فيه المستخدم انتباهه (حقلي المقاس والكمية).


٢. استخدم الحركة لتوضيح التغيير

Pyramid of Trust

عندما يكون هناك تغيير او اجراء مطلوب في احد البرامج في mac os تقوم الايكون بحركة القفز لتنبيه المستخدم


٣ - تاكد دائما من استخدام تباين مناسب لايضاح التغيير الذي حدث

Pyramid of Trust

اليسار: مؤشر التقدم الأبيض المتحرك في تطبيق خطوط الطيران Southwest يكاد يكون من المستحيل تمييزه، على الرغم من أنه موضوع في منتصف الشاشة تمامًا.

 اليمين: مؤشر تقدم مشابه في موقع Kayak.com يمكن ملاحظته بسهولة لأنه يحتوي على عنصر خلفية متباين يميزه عن خلفية التطبيق.


 في الختام العقل البشري معقد ومليء بالتحديات. كمصمم، وظيفتك ليست أن تفاجئ المستخدم أو تخلق تغييرات غير متوقعة، بل أن تجعل التفاعل مع التصميم بديهيًا وواضحًا. يجب أن تدرس كيف يتعامل المستخدم مع تطبيقك أو موقعك، وتضع في اعتبارك الظواهر النفسية لضمان أن تكون تجربته سلسة وفعّالة.


المصادر: