تأثير الإجماع الزائف 

عبدالرحمن محمد
١٢ نوفمبر ٢٠٢٤
author


من بين أولى الجمل التي نتعلمها في مجال تجربة المستخدم هي: "أنت لست المستخدم". هذه العبارة تحمل في طياتها رسالة هامة مفادها أن ما قد يكون مناسبًا لنا كـ مصممين أو مطورين، ليس بالضرورة أن يكون مناسبًا للمستخدمين الفعليين الذين نصمم لهم. لكن هل تساءلت يومًا عن صحة هذه المقولة؟ هل فعلاً ما يصلح لنا لا يصلح للمستخدم؟

الإجابة على هذا السؤال قد تكون معقدة بعض الشيء، لكنها تتعلق بمغالطة نفسية شائعة تُسمى "تأثير الإجماع الزائف" (False-Consensus Effect).

ما هو تأثير الإجماع الزائف؟ 

يشير تأثير الإجماع الزائف إلى الميل الطبيعي لدى الناس للاعتقاد بأن الآخرين يشاركونهم نفس المعتقدات والقيم، وأنهم سيتصرفون بالطريقة نفسها في نفس السياق. وفقًا لهذا التأثير، فقط الأشخاص الذين يختلفون بشكل كبير عنا هم من سيتخذون قرارات مختلفة.

تم تعريف هذا التأثير لأول مرة في عام 1977 من قبل روس وغرين وهاوس، الذين أظهروا من خلال دراساتهم أن "علماء النفس العاديين" (أي جميعنا عندما نحاول تخمين تصرفات الآخرين) يميلون إلى المبالغة في تقدير عدد الأشخاص الذين يشتركون في اختياراتهم وأحكامهم، كما يرون ردود الفعل البديلة نادرة أو شاذة، بل ويعتبرونها تكشف عن شيء خاص بالشخص الذي يتخذها.

دراسة تأثير الإجماع الزائف 

في إحدى تجاربهم، طلب الباحثون من المشاركين أن يقدروا النسبة المئوية للأشخاص الذين سيختارون أحد الخيارين في موقف معين، مثل: كم من الناس سيقررون الطعن في مخالفة السرعة في المحكمة بدلاً من دفع الغرامة فورًا؟ بعد تقديم تقديراتهم، كشف المشاركون عن ما كانوا سيفعلونه في هذا الموقف، كما ملأوا استبيانات حول سمات الأشخاص الذين قد يتخذون كل خيار.

النتيجة كانت مثيرة: 

1.المشاركون توقعوا أن غالبية الناس سيختارون نفس خيارهم (مثلاً، دفع الغرامة).

 2.المشاركون افترضوا أن أولئك الذين يختارون البديل سيحملون سمات شخصية أكثر تطرفًا واختلافًا عنهم.

ماذا يعني ذلك في تصميم تجربة المستخدم؟ 

نحن، كـ مصممين ومطورين، غالبًا ما نفترض أن المستخدمين سيتصرفون كما نفعل نحن، خاصة إذا كانت لدينا تجربة مشابهة أو إذا قمنا باختبار واجهة المستخدم في بيئة مشابهة (مثلًا باستخدام زملائنا في العمل). هذا الفهم قد يكون مغلوطًا، لأننا نميل إلى تعميم اختياراتنا على الآخرين بسبب تأثير الإجماع الزائف. نحن نعتقد أن من السهل على الآخرين فهم النظام واستخدامه بالطريقة التي نراها صحيحة.

 لكن، الحقيقة هي أن الاختيارات التي قد تبدو طبيعية وسهلة بالنسبة لنا قد تكون مربكة أو غير بديهية للمستخدمين الفعليين الذين لديهم خلفيات وتجارب مختلفة. لذلك، يجب أن نتعلم أن نختبر تصاميمنا مع المستخدمين الفعليين، بدلاً من الاعتماد على افتراضاتنا الخاصة أو آراء زملائنا.

 في النهاية، الحل بسيط: اختبر مع مستخدمين حقيقيين، وتأكد من أن تصاميمك تتناسب مع احتياجاتهم وتوقعاتهم، بدلاً من الاعتماد على افتراضات قد تكون مشوهة بفعل تأثير الإجماع الزائف.


المصادر: